بئر مليه
هناك في تاريخنا العربي العديد من ثنائي العشق المشهور بحيث لا يذكر أحد الطرفين إلا ويخطر في البال الطرف الآخر مثل قيس وليلى وعنتر وعبلة وغيرهم ومن البديهي نجد أن قصة العشق تنتهي بموت البطل..
أما ثنائي اليوم فعلى العكس بدأت قصة العشق الأبدي إلى أن يشاء الله بموت البطل، حيث قتل الفارس المشهور ذيب بن شالح بن هدلان وأوري داخل غار بجانب بئر ملية. ولا تذكر ملية إلا ويذكر ذيب.
وتقع ملية في وسط عالية نجد في الطرف الشرقي من جبال الاسودة تقريبا. وتبعد حوالي خمسين كيلا من بلدة الشعراء جهة الجنوب الغربي وهي بئر ما زالت يردها البدو.
أما ذيب بن شالح فهو أحد فرسان الصحراء النبلاء المشهورين، فقد كان رحمه الله كريما عفيفا بارا بوالده، وبرزة فروسيته من خلال فروسية منافسيه كما استشهد والده من قصيده بالأبيات التالية:
ما ذكر به حي بكى حي يا ذيب
واليوم أنا بابكيك لو كنت حيـا
وياذيب يبكونك هل الفطر الشيب
إن لا يعتهم مثل خيـل المحيـا
وتبكيك قطعان عليها الكواليـب
وشيال حمل الي يبـون الكفيـا
وتبكيك وضح علقوها دباديـب
إن رددت من يمة الخوف عيـا
ويبكيك من صكت عليه المغاليب
ان صاح با لصوت ياهل الحميا
ننزل بك الحزم المطرف ليا هيب
إن رددوهـن ناقليـن العصيـا
أنا أشهد انك بيننا منقع الطيـب
والطيب عسر مطلبه مـا تهيـا
ولولا صدق وقوة مشاعره لما كان بهذه العذوبة الحاضرة:
إن كان تنشد يالهويدي عن الطير
الطيـر والله يالهويـدي غدالـي
طيري عذاب معسكرات المسامير
إن حل عنـد قطيهـن الجفالـي
إن جا نهار فيه شر بـلا خيـر
وغدا لهن عند الطريح اجتوالـي
إن دبرن خيـل وخيـل مناحيـر
وغدن مثل مخزمـات الجمالـي
على الرمك صيده عيال مناعيـر
وشره على نشر الحريب الموالي
يضحك ليا صكت عليه الطوابيـر
طير السعد قلبه من الخوف خالي
خيالنا وإن عرجـدن المضاهيـر
وزيزوم عيرات طواها الحيالـي
غيث لنا وان جت ليال المعاسير
وبالشح ريف للضعوف الهزالـي
يسقي ثراه من الروايح مزابيـر
تمطر على قبر سكن فيه غالـي